لم شمل أسرة ومعالجة الصدمة النفسية الناتجة من الحرب

الناجية ن.م، (25) سنه، متزوجه من خمس سنوات، لديها طفلين، من سكان صنعاء، درست للمرحلة الإعدادية.

تشكو الناجية أن زوجها تعرض لصدمة نفسية شديدة قبل سنة تلتها ضغوط نفسية متتالية كان آخرها انقطاع راتبه، كل ذلك حدث بسبب استمرار الحرب، ومن جراء ذلك بدأ يشك فيها ويدعي أنها تخونه وتتأمر عليه، ويقول ان الطفلين مش أولاده، ويقول انه مراقب وان هناك كاميرات تراقبه في كل مكان، واصبح ما ينام الليل بسبب مخاوفه ليبقى مترقب ومستعد لأي طارئ قد يحدث، وإذ نام يحصل له فزع ويصرخ ويقوم بضرب الزوجة والاطفال، واخر مره أعتدى عليها وصرح برغبته في قتلها وقتل الاولاد، وفي فجر اليوم التالي هربت من البيت واخذت معها أولادها الاثنين وذهبت بيت أهلها، وأصبح زوجها بعد أن تركته يلاحقها ويعمل على تشويه سمعتها في الحارة التي يسكن فيها من قبيل انها خانته وان الأطفال ليس اطفاله، وقام بتكسير زجاج بيته، وعمل مشاكل مع اخوانها، وحاول قتل اخوها الكبير.. وبأعجوبة نجى من موت محقق، والان زوجها في السجن بسبب تعديه على أخوها بالسلاح والشروع في قتلة، وتسمع ان حالته ساءت في السجن، وانه أصبح يكلم نفسه ومهمل لنفسه وأنها حزينة عليه ومحتارة كيف تتصرف مع هذه المشكلة، لأنه قبل أن يصاب بهذا المرض كان زوج طيب وأب صالح لأولاده ومحترم لأهلها، ولا تعرف كيف تساعده الآن، مع العلم ان اخوها الكبير قد رفع قضية خلع لكي تتخلص منه الى الأبد.

ولما سمعت بخط الاستشارات النفسية والاجتماعية (136) بادرت بالتواصل مع أحد المرشدات النفسيات وكان محتوى الاستشارة قد طرح على النحو التالي: ما هي مشكلة زوجي الذي أوصلته للشك بي وتخويني وتشويه سمعتي والاعتداء على أخي بالسلاح، وما يجب علي فعله نحوه، وهل تنصحوني بالتدخل والمساعدة في إخراجه ولم الشمل به ومواجهة أخي بذلك، رغم إني استغرب كيف أرجع له واواجه الناس وقد شوه سمعتي وهدد بقتلي وقتل أولادي وتعدى على أخي، أم اقبل بقدري ولا أتدخل واترك أخي ينهي ما قد بدأ "إجراءات خلعي منه وابقائه في السجن ليلقى جزاء ما عمله بحقي وحقه".

بعد السماع للناجية والأصغاء لها والتعاطف مع مشكلتها، تم الاتفاق معها أولا على التوقف عن اتخاذ أي قرار في الوقت الحالي حتى يتم تقييم مشكلتها بشكل أدق، بعد ذلك تم تثقيفها ورفع معلوماتها حول طبيعة مشكلة زوجها النفسية، فهو يعاني من حاله نفيسة(فصام عقلي) وهي حالة نفسية شديدة، إلا أنها تستجيب للمعالجة الدوائية والنفسية، وانه في حال قررت مساعدة الزوج فمن الضروري أن يعرض على طبيب نفسي في السجن ويخضع للأدوية النفسية قبل كل شيء أو يحال لمستشفى نفسي لتلقي العلاج هناك، وكون المشكلة معقدة وتحتاج وقت أطول وتقييم اكثر فقد تم إحالة الناجية على خط الإرشاد النفسي الهاتفي، وتم فعلاً إستمرار المسترشدة في الاتصال بنا عبر خط الإرشاد النفسي الهاتفي المجاني وتم الاتفاق معها على إشراك أخوها بالخط نفسه ومع المرشدة نفسها، من أجل توحيد الرؤى لمواجهة مشكلتها ومشكلته بشكل سليم، وتم الاتفاق بعد عدد من الجلسات التقييمية لمشكلة المريض مع الزوجة والاخ.. للتوصل لعدد من الحلول أهمها: التواصل مع احد افراد اسرة زوجها وهو الأخ الأكبر للمريض من أجل افهامه بالمستجدات التي توصلوا لها، وهي التنازل عن الدعوة المرفوعة من قبله لمعاقبته على رميه له بالسلاح وتشويه سمعة أخته، مقابل أن يتم خروجه من السجن وادخاله الى المستشفى النفسي لكي يلتزم بالأدوية خلال الفترة التي سيقررها الاستشاريين هناك، وعلى ضوء استجابته للعلاج يتم التعامل مع المشكلة بما يكون لصالح الجميع، ارتاح جدا أخو المريض بهذه المبادرة وتحسنت على ضوء ذلك نفسيات الأسرتين، وبالفعل اليوم التالي قام أخو الزوجة وأخو الزوج بإجراءات التنازل وإخراجه من الحبس، وبعد أسبوع من بدأ الإجراءات تم نقل المريض لأحد المستشفيات النفسية في صنعاء، والآن من حوالي شهر من مكوثه بالمستشفى وتناوله للأدوية النفسية بدأ الجميع يلمس تحسنه بشكل ملحوظ، وبحسب كلام الزوجة أنه طُلب منها عبر المستشفى أن تزوره وتلتقي به لتقييم وضعه النفسي بعد فترة العلاج، وخلال الزيارة التي أشرفت عليها أحد المعالجات النفسيات بالمستشفى وجدت الزوجة أن الزوج قد أصبح معترف بمرضه ويطلب منها أن تسامحه على ما قام به، وتأكيده أنه نادم على كل ما بدر منه نحوها ونحو أخوها وأولاده، والتأكيد على أن المرض الذي يعاني منه هو السبب في كل ما حدث منه، ولولا المرض لما قام بذلك وهي أكثر شخص تعرف ذلك، وإلتزم للزوجة بالإستمرار بالعلاج الذي سيقرره له الطبيب النفسي وتنفيذ كل الإرشادات التي ستقررها له المعالجة النفسية، وطلب منها أن تشرف هي على استخدام العلاج بعد خروجه ولن يتعاطى القات بتاتا بناء على تعليمات الأطباء. أيضا جاء مع الزوجة أبنائها الذي قام بضمهم لحضنه وعيون الندم هو سيد الموقف.. ذرف الجميع الدموع تأثراً لما حدث. تم إبلاغ الزوجة أن بعد أسبوع سيقوم المستشفى بعمل خروج مؤقت ومشروط لمدة أسبوع، وتم نصح الزوجة بالرجوع له مقابل الاشراف عليه والانتباه لكل الارشادات التي قدمت لها من قبل المعالجة النفسية كنوع من أنواع الحماية لها وللمريض وللأولاد ولها حق قبول ذلك من عدمه. نحن أيضا ومن خلال الخط الساخن قمنا بتأكيد كل الإجراءات المتخذة من قبل المستشفى وتنبيهها للعمل بها وتطبيق ما تعلمته خلال الفترة السابقة خاصة تقنية "أسلوب حل المشكلات". توصلت الزوجة بعد يوم من رجوعها من المستشفى والتواصل بنا، وبعد الجلوس مع أخوها لإتخاذ قرار الرجوع لبيتها والوقوف مع زوجها بعد أن يخرج.

بعد أسبوع من خروج الزوج من المستشفى تواصلت بنا الزوجة لتطلعنا على أن وضع زوجها النفسي مستقر وإنه ملتزم بإستخدام العلاج وتنفيذ كل الإرشادات التي أوصت بها المعالجة النفسية، وأنها هي والزوج بصدد مراجعة المستشفى بعد غد لعمل خروج نهائي للمريض.

نحن فخورون بالنتيجة التي وصل لها الجميع، حيث وقد تم مساعدة الزوج وعلاجه من المرض الذي كاد أن يقضي عليه نهائيا وكانت المسألة مسألة وقت ليس إلا، وتم أيضا لم شمل الأسرة من جديد بعد أن كانت قد وصلت لمرحلة اللا عودة.


بتاريخ: 05/08/2017